غدير رزوقي مهدي العنبكي Ghadeer Ryzofe Mahde Alanbaki
طالب لجوء عراقي، من مواليد سنة 1985، يسكن بلدية سفله السويدية، عاني مع أفراد عائلته من الاضطهاد على أيدي أفراد ميليشيا تتبع لجنة اجتثاث البعث على حد قوله، حيث يؤكد أنه جرى اختطافه شخصياً وممارسة شتى أنواع التعذيب عليه، ثم رمي جسده بعيداً إثر اعتقادهم أنه فارق الحياة، ما سبب له عجزاً مستديماً في يده اليسرى وندوباً نفسية وجسدية لم تندمل حتى الآن.
كما أشار أن الميليشيا ذاتها اغتالت على فترات متقاربة 5 من أشقائه، بينهم امرأتان ومعوق، إضافة إلى خاله المسن. الشيء الذي أرغم عائلته على هجر منزلها أكثر من مرة طلباً للنجاة.
العنبكي الذي فضل الفرار إلى السويد وطلب اللجوء السياسي بها سنة 2015، ذكر أن مشاكله ظلت تلاحقه حتى بعد وصوله إلى أوروبا، إذ أن مصلحة الهجرة والمحكمة الابتدائية والمحكمة العليا جميعاً رفضوا قضيته تباعاً، مصدرين في حقه قراراً نهائياً بالترحيل لأسباب غير معقولة، منها خطأ إداري ارتكبته مصلحة الهجرة ذاتها ورفضت تصحيحه مع أنها اعترفت به تالياً، على الرغم من تقديم العنبكي أدلة وإثباتات كثيرة تعزز روايته تماماً بطرق لا تقبل الجدل (اطلعنا عليها كاملة وتحققنا من صحتها)، كان أبرزها أمر ضبط وتحري وحكماً غيابياً بإعدامه شنقاً حتى الموت من محكمة جنايات كربلاء، إزاء اتهامه بارتكاب جريمة قتل لا شهود عليها. ما تركه اليوم في مهب الريح، مهدداً بالعودة للعراق في أية لحظة وتسليمه إلى جلاديه توطئة لإعدامه على ذنب لم يقترفه، لا سيما بعد ورود مراسلة مثيرة للريبة إلى السفارة العراقية بستوكهولم من الشرطة الدولية السويدية (سنتطرق لتفاصيلها في ختام هذا التقرير)، على حد تعبيره.
استهداف عائلة العنبكي لأسباب سياسية وطائفية
يحكي العنبكي شخصياً لمنصة أكتر الإلكترونية أبعاد مأساته منذ بدايتها في العراق قبل 17 سنة تقريباً وصولاً إلى آخر منعطفاتها داخل السويد، فيقول: “عقب سقوط النظام الحاكم في العراق، أصدرت سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم الأمريكي بول بريمر، قانوناً لإنشاء “الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث”، في السادس عشر من أبريل/نيسان سنة 2003، انطلقت على إثرها في شتى أرجاء البلاد حملة واسعة من الممارسات الانتقامية لتصفية جميع المنتمين إلى حزب البعث وعوائلهم أيضاً، على أيدي أفراد ميليشيا فرق الموت، التي تعمل تحت أمرة “لجنة اجتثاث البعث”. لذا أُدّرِجنا سريعاً على قوائم العوائل المستهدفة، نظراً لعضوية والدي بالحزب وعمله كضابط شرطة في قسم مكافحة الجريمة المنظمة، إلى جانب صلتنا العشائرية بالرئيس السابق صدام حسين.
إعدام أربعة أشقاء وهجر العائلة مسكنها
سنة 2007، اختُطِف أشقائي الكبار الثلاثة، دفعة واحدة، وتعرضوا للاعتداء الجسدي والتعذيب المفرط، ما سبب لهم كسوراً مختلفة وتمزقات ونزفاً في الأنسجة، قبل أن يتم إعدامهم جميعاً لاحقاً رمياً بالرصاص، حسب ما ذكرت تقارير الطب الشرعي. الأمر الذي دفع بقية أفراد عائلتي إلى هجر المنزل والتواري بعيداً عن الأنظار خشية التعرض لمصير مماثل. بعدها بأقل من عام واحد فقط، قُتِل شقيقي الرابع، المعاق عقلياً والذي رفض المغادرة معنا، على أيادي مسلحين ملثمين اقتحموا منزلنا وانهالوا عليه ضرباً وركلاً حتى مزقوا بطنه، ثم استصدروا له تقريراً من الطب شرعي يفيد وفاته لأسباب صحية.
التعرض للخطف والتعذيب ومحاولة قتل
عندما عدنا إلى منزلنا في بغداد سنة 2010، معتقدين أن الأزمة قد انقضت، كنت لا أزال شاباً يافعاً في السادسة والعشرين فقط من عمري لا أدرك تماماً حجم الخطر المحيق بنا، كما لم أكن قبلها أفقه شيئاً في أمور السياسة، أو مارست نشاطاً سياسياً بعثياً من أي نوع، سوى أن ذلك لم يقف حائلاً دون اختطافي أيضاً وتعرضي للتعذيب جلداً بالسياط وضرباً بالآلات الحادة وانتهاك إنسانيتي ونهب ما أملكه من مال، ثم التخلص مني بعيداً في مكان ناءٍ، ظناً من أولئك المجرمين أني مت، أو ألفظ آخر أنفاسي.
المعاناة جسدياً ونفسياً
لهذا شرعت على مدار السنوات الخمسة التالية أتلقى علاجي طريح الفراش، لا تبقيني صامداً إلا مسكنات الألم، أجريت خلالها جراحات عديدة بمعظم أنحاء جسدي تقريباً وخاط الأطباء في رأسي وحدها 17 غرزة، مخلفة تشوهات دائمة في شكلي وعوقاً جزئياً بيدي اليسرى جاوزت نسبته 50%، كما عانيت أيامها سلسلة من النوبات الهستيرية. أما أقاربنا، فكانوا يظنونني ميتاً، حيث لم يجرؤ أحدهم على التواصل معنا مباشرة منذ حادثة اختطافي.
محاولة الهرب واغتيال شقيقة أخرى
خشينا كثيراً أن يبلغ خبر عدم وفاتي مسامع أحد أفراد الميليشيا المذكورة ويعودون لتصفيتي، فانتقلت للإقامة عند أحد أبناء عشيرتنا في ريف ديالى من سنة 2010 وحتى سنة 2014. لكن نمط الحياة كان قاسياً جداً علي، لا سيما مع أوضاعي الصحية، لذا ما إن لمست أمي تحسناً بسيطاً في صحتي، حتى اقترحت علي ترك محافظة ديالى والانتقال للإقامة مؤقتاً بمنزل تملكه في محافظة كربلاء، حيث مسقط رأسها، إلى حين إيجاد وسيلة أغادر بها العراق كلياً. صحيح أنني سأكون في كربلاء على بعد مرمى حجر من مقر الميليشيا التي اختطفتني، لكننا رجونا أن يكون قربنا غير المتوقع منهم سبباً كافياً لاستبعاد عمليات البحث عنا هناك.
هكذا انطلقت أمي أولاً تبلغ خالي وبعض أعيان عشيرتها بقدومها، فيما قصدت شقيقتي المنزل مباشرة حرصاً على تهيئته لاستقبالي. لا زلت حتى يومنا هذا لا أعلم بالضبط كيف علمت الميليشيا بالأمر، لكن أغلب الظن أنهم كانوا يرصدون تحركات أفراد عائلتي منذ البداية، حيث اقتحموا المنزل لحظة وجود شقيقتي وحيدة فيه وفتحوا عليها سيل نيرانهم حتى أردوها جثة هامدة، لتلحق أشقائها الأربعة. من جانبي لم أسمع بوفاة شقيقتي إلا بعد عدة أيام، إذ كنت أقضي أغلب ساعات يومي تحت تأثير المسكنات كما أسلفت في ريف ديالا.
لما شرعت الشرطة تجري تحقيقها حول الحادثة، امتنع الجيران عن الإدلاء بشهاداتهم خوفاً على أنفسهم وعوائلهم من سطوة أولئك المجرمين، ما ترك القضية مقيدة ضد مجهول. كما اضطررنا إلى الانتظار 12 يوماً قبل أن تأذن السلطات الرسمية لنا باستلام الجثمان ودفنه.
الهجرة واللجوء إلى السويد
خفنا أن تكون شقيقتي، رحمها الله، قد تعرضت للاستجواب قبل مقتلها وأخبرتهم أنني لا أزال على قيد الحياة، فنصحني قريبي الذي أقيم عنده مغادرة العراق نهائياً. ترددت كثيراً بداية الأمر نظراً لصغر سني، كما خشيت أن يتم اعتقالي في المطار، إلا أنني لم أملك مع مرور الوقت سوى النزول على رأيه والفرار من البلاد، مستعيناً بمساعدة بعض المهربين لإيصالي سالماً إلى تركيا.
في الثاني والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر سنة 2015، وصلت السويد متقدماً بطلب للجوء لدى مصلحة الهجرة، عقب رحلة تقليدية، غير شرعية، عبرت بها البحر الأسود أولاً في قارب مطاطي من تركيا إلى اليونان، ثم تابعت طريقي براً من جنوب أوروبا لأقصى شمالاً، حتى بلغت وجهتي.
اغتيال فرد أخر من العائلة
بعد أيام قلائل، بلغني أن خالي، الذي حاول التنسيق مع أمي سابقاً لإيوائي في منزلها بكربلاء، قد قُتِل وقُطِّع جسده إلى أشلاء جراء الاعتداء عليه ضرباً وطعناً بالسيوف من نفس أعضاء المجموعة المسلحة، ما جعل جدتي، أمه، تقضي نحبها بعده بساعات، كمداً وحسرة لمصابه وفراقه، إزاء تعرضها إلى سكتة قلبية.
حكم عراقي بالإعدام ورفض سويدي لطلب اللجوء مصحوباً بقرار ترحيل
لما حضر موعد مقابلتي مع مصلحة الهجرة بعد مرور عام تقريباً على أخذ بصماتي، كنت أمر آنذاك في حالة نفسية متردية بسبب الغربة، فوددت لو لقيت هناك بعض العزاء، غير أنني فوجئت لدى رؤية الطريقة المهينة التي ما انفكت تتعاطي بها موظفة الهجرة مع قضيتي من منطلق قلة فهمها واطلاعها على واقع الحال في العراق، حيث لم تجد حرجاً بإخباري أن حوادث مقتل خالي وأشقائي الخمسة، من وجهة نظرها، ليست لها علاقة بأسباب لجوئي الشخصية، كما زاد ضعف قدرات الموظف الذي ولوه مهمة الترجمة الطين ألف بلة، لذا لم ألبث أن نلت سريعاً أول رفض، على الرغم من تقديمي تقريراً طبياً من السويد، يفيد تعرضي إلى أضرار جسدية بالغة بفعل التعذيب.
قبل سعيي لاستئناف القرار في محكمة الهجرة الابتدائية بمدة وجيزة، وصلتني أخبار من العراق، أن محكمة جنايات كربلاء أصدرت في الخامس من أيار/مايو 2014، حكماً غيابياً بحقي، مصدقاً من مجلس القضاء الأعلى، انتهت مهلة الاعتراض عليه، يقضي بإعدامي شنقاً حتى الموت، مع منعي من السفر ومصادرة جميع أموالي المنقولة وغير المنقولة، كما أنه جرى تبليغ نص الحكم عبر نشره على صحيفتي الشرق والنهرين الرسميتين. هكذا انتهز المحامي المسؤول عن قضيتي الفرصة وقدم صوراً عن حكم الإعدام إلى محكمة الهجرة الابتدائية، باعتباره حجة دامغة يثبت حقي في اللجوء السياسي بشكل لا يقبل الجدل، لكننا صدمنا بالقاضي يأبى أيضاً الأخذ فيما قدمناه من أدلة بذريعة أن اسمي مكتوب في بطاقة طلب اللجوء المؤقتة بصورة مختلفة عما في حكم المحكمة العراقية، لذا اعتبر أنني لست ذات الشخص المعني. حاولت جاهداً إفهام القاضي أن مصلحة الهجرة هي من أخطأ في كتابة اسمي وأنني سعيت منذ اليوم الأول لصدور هذه البطاقة إلى إقناع موظفيها بتعديله، إلا أن القاضي ظل متمسكاً في رأيه وأصدر قراراً ثانياً بالرفض. فعدت استأنف القرار مجدداً كفرصة أخيرة عبر المحكمة السويدية العليا في ستوكهولم، لكنني لم أنل منها إلا رفضاً ثالثاً وحكماً نهائياً بترحيلي من البلاد، لاستخدامها نفس التبريرات.
إغلاق ملف اللجوء نهائياً والطرد من السكن مع إيقاف المساعدات المالية والرعاية الصحية
لاحقاً، استدعتني مصلحة الهجرة لإجراء مقابلة ختامية، فطلبت خلالها تصحيح اسمي لديهم والنظر في حكم الإعدام الصادر بحقي في العراق، بيد أن مسؤولة قضيتي أبت ذلك، بدعوى أن ملف قضيتي قد أغلق كلياً إزاء حصولي على رفض ثالث وقرار ترحيل. سألتها: “هل تريدون ترحيلي وقد صدر في حقي حكم إعدام؟”، فأجابت ببرود: “نعم”. هكذا لم تكد تمضي عدة أيام، حتى سارعوا إلى طردي خارج سكن الهجرة وإيقاف كافة المساعدات المالية عني، كما قطعوا علاجي وأدويتي نتيجة عدم امتلاكي لرقم وطني سويدي. قدم المحامي أكثر من 14 طلباً متتالياً لإعادة فتح ملف قضيتي وإيقاف قرار ترحيلي نتيجة وجود عوائق تحول دون تنفيذه، مقدماً المزيد من الوثائق والإثباتات، بينها أمر قبض وتحري، سوى أن جميع جهوده بائت بالفشل.
محاولة الرحيل عن السويد طوعاً
قررت الامتثال إلى قرار الترحيل طوعاً ولجأت لجمهورية ألمانيا في كانون الثاني/يناير سنة 2018، لكن بعد 3 أشهر، طالبت السويد باستعادتي وفق ما تنص بنود اتفاقية دبلن، فلم يجد الألمان مناصاً من الاستجابة إلى رغبتها. انتظرت عدة أشهر أخرى، ثم كررت المحاولة متجهاً لمملكة النرويج نهاية سنة 2018، غير أن مصلحة الهجرة النرويجية صارحتني بعدم حاجتها إلى مزيد من اللاجئين وأودعتني السجن شهراً كاملاً، قبل أن ترحلني مجدداً لستوكهولم أوائل سنة 2019. من هنا بت ملزماً على التوقيع في مركز شرطة سفله مرة كل أسبوع لإثبات وجودي.
القضاء العراقي يحكم بالإعدام بدعوى ارتكاب جريمة قتل
في وقت لاحق من نفس العام، أرسلت لي عائلتي بالعراق استكمالاً لقرار محكمة جنايات كربلاء، يؤكد الحكم السابق بإعدامي شنقاً حتى الموت واعتباري مجرماً هارباً من العدالة، لكن الجديد هذه المرة، أنه صدر بناء على اتهامي في ارتكاب جريمة قتل عمد سنة 2012، على الرغم من عدم وجود أي شهود عيان أو أدلة إثبات لإدانتي، حيث اكتفت المحكمة الجنائية لدى اتخاذ قرارها بشهادة من أحد أفراد عائلتي، ادعى فيها، تحت الضغط والإكراه، أنني كنت متوتراً يوم وقوع الجريمة.
ذرائع مصلحة الهجرة لتعليل استمرارها بالرفض
شكوت مشكلتي للبرلمان والأحزاب ووسائل الإعلام المحلية أكثر من مرة، فلما ذاعت مشكلتي وبدأت ترد التساؤلات والاتهامات بالتقصير إلى مصلحة الهجرة، راحت تختلق أعذاراً جديدة تثير السخرية، في محاولة منها لمداراة عدم منطقية وقانونية قرارها، حيث ادعت أولاً أنها بحاجة إلى جواز سفري للتثبت من شخصيتي، على الرغم من تقديمي لها عشرات المستندات الرسمية العراقية الأخرى التي تثبت هويتي بشكل قاطع وتطابق طريقة كتابته في أحكام الإعدام وأوامر القبض والتحري وغيرها، من دون جدوى، هذا إلى جانب علم الهجرة مسبقاً أنني لا أملك جواز سفر أصلاً ولا أجرؤ على دخول مقر السفارة العراقية لاستخراجه. كما لم تتورع عن نسب خطأ تهجئة اسمي في بطاقة طلب اللجوء المؤقتة، بعد أن أقرت وجوده أخيراً، إلى إصابتي بإعاقة في يدي اليسرى تارة، أو إلى اختلاف طريقة كتابة اسمي باستعمال الأحرف اللاتينية عن نظيرتها العربية تارة أخرى، بيد أنها عجزت عن تفسير كيف أدى هذا الاختلاف إلى إضافة 6 أحرف لاتينية لاسم عائلتي، مكونة كلمة لا وجود لها أساساً في قواميس اللغة العربية الفصحى أو اللهجات المحلية.
تعاطف الشرطة
أما الشرطة المسؤولة عن مهمة ترحيلي، فقد لمست منها تعاطفاً مع قضيتي وتخوفاً من تحمل تبعاتها، لكن قرار المحكمة ظل يقيدهم، لذا صارحوني أنهم سيقومون بترحيلي من السويد حال رغبت أنا في ذلك.
إشعار الإنتربول السويدي للسفارة العراقية بمقتله
أواخر شهر أيلول/سبتمبر الماضي، حدث أمر عجيب، حيث استلمت عائلتي إشعاراً من الشرطة العراقية مفاده، أن الشرطة الدولية في ستوكهولم أرسلت تبلغ السفارة العراقية هناك أنني قتلت نتيجة إصابتي بعيار ناري في السابع عشر من كانون الثاني/يناير 2020، وأن السفارة بدورها أخطرت السلطات العراقية المسؤولة لتتولى مهمة إبلاغ عائلتي. حين ذهبت أمي إلى مركز الشرطة للاستفسار طلبوا منها التواصل مع السفارة العراقية في السويد لترتيب إجراءات استلام الجثمان. فأبلغت المحامي بالتفاصيل الذي بدوره تواصل مع السلطات السويدية للاستفسار. أما مصلحة الهجرة فأصابها ارتباك كبير وخمنَت أن خطأً إدارياً فظيعاً قد حدث على الأرجح. إلا أن الحادثة أثارت توجسي وخشيت أن تكون المراسلة مقصودة من السلطات السويدية بغرض دفع نظيرتها العراقية إلى إغلاق ملفي الأمني توطئة لعملية ترحيلي، اعتقاداً منها أنني بهذا لن أعود ملاحقاً، التصرف الذي سيكون بالغ الحماقة إن صدق ظني ويضعني في ورطة حقيقية ثمنها حياتي”.
الشكوى من سياسات مصلحة الهجرة
ويختم العنبكي: “بعد طردي عنوة من سكن الهجرة، أقمت مؤقتاً عند أحد أصدقائي، أما أمور معيشتي فأتدبرها بصعوبة بالغة. كما كان من المفترض أن أخضع المدة الماضية لعملية جراحية ضرورية، لكن سحب بطاقة طلب اللجوء المؤقتة مني حال دون ذلك، نظراً لافتقاري إلى رقم وطني سويدي.
لقد عرضّت على مصلحة الهجرة لدى تقديمي طلب اللجوء كماً من الوثائق الأصلية والإثباتات والصور ومقاطع الفيديو ما يؤيد صحة كل كلمة نطقت بها وينعدم معها أي احتمال للشك. كما يستطيع أي موظف فيها من خلال كبس بعض الأزرار على محرك البحث عبر شبكة الإنترنت التأكد من صدق المعلومات التي قدمتها مباشرة من مصادرها الرسمية. ضف على ذلك أن آثار الضرب والتعذيب لا تزال منحوتة في لحمي الحي بكل موضع من جسدي بادية للعيان، إلا أن قرارات الهجرة على ما يبدو مسيسة ومفصلة سلفاً حسب جنسية طالب اللجوء أو البلد الذي جاء منه.
العنبكي يوجه رسالة استرحام إلى السلطات السويدية عبر منصة AKTARR
عندما اخترت اللجوء في هذا البلد، قادتني إليه سمعة عطرة قرنت اسمه دائماً بحقوق الإنسان على اختلاف صنوفها، أملاً أن أجد على أرضه الأمن والأمان والحماية الذين طالما تقت لهم في وطني الأم منذ نعومة أظفاري، لكن خيبة الأمل ما انفكت تصدمني عاماً تلو عام وأنا أراقب أبسط حقوقي في الحياة تسلب مني تباعاً بطرق فجة تنتهك جميع اتفاقيات حقوق الإنسان التي كانت السويد طرفاً ثابتاً فيها منذ نشأتها. لست هنا لأكون عبئاً على الدولة ولا جئت أطلب مالاً، فأنا قادر على رعاية نفسي بالطريقة المثلى والغدو فرداً فعالاً في المجتمع إن منحتموني الفرصة.
إن كل ما أرجوه من السلطات السويدية المختصة اليوم، أن تعيد النظر في قضيتي بعين الرحمة والإنسانية كذلك لا من خلال نصوص القانون الجامدة فقط وتضع في اعتبارها جيداً أنها قادرة بكلمة منها أن تهبني حياة كريمة أو ترسلني مباشرة إلى حبل المشنقة، كما أناشدها منحي حق الإقامة الدائمة، لأستأنف على ضوئها حياتي باستقرار وسلام وطمأنينة، كحال بقية البشر هنا”.